إبراهيم بن مدان
في مبادرة دبلوماسية وإنسانية تحمل رسائل متعددة الأبعاد، حلّ وفد إسباني رسمي ورفيع المستوى بمدينة مليلية، قبل أن ينتقل إلى إقليمي الناظور والدريوش في زيارة ميدانية موسعة، تُجسد عمق التعاون والتفاهم بين ضفتي المتوسط، وتؤكد على الأهمية المتزايدة للعلاقات بين المغرب وإسبانيا في ظل التحديات الجيوسياسية الراهنة.
ترأست الوفد السيناتورة إيزابيل مورينو، برلمانية عن مدينة مليلية، إلى جانب الدكتور بيلاسكيس، العمدة السابق للمدينة، وضم الوفد في عضويته نخبة من الأطباء، الأكاديميين، والفاعلين المدنيين الإسبان. وقد استُقبل الوفد أولًا بمدينة مليلية، قبل أن يعبر إلى التراب المغربي عبر معبر بني انصار، حيث كان في استقباله وفد رسمي من المجلس الجماعي، ممثلاً في نائب الرئيس محمد الصغير وأعضاء الجماعة.
برنامج الزيارة شمل عددًا من المحطات الرمزية والثقافية، من أبرزها:
زيارة النصب التذكاري لمعركة أنوال بجماعة تليليت، تخليدًا لبطولات المقاومة الوطنية،
زيارة متحف الذاكرة المشتركة بمدينة الدريوش، المعروف باسم متحف محمد لوكيلي لحفظ الذاكرة، وذلك احتفالًا باليوم العالمي للمتاحف.

وتأتي هذه الأنشطة في إطار جهود ترسيخ ثقافة الاعتراف بالتاريخ المشترك، وتعزيز الذاكرة الجماعية كجسر للتفاهم والتعايش بين الشعوب.
وقد تميزت الزيارة بتأمين تغطية أمنية استثنائية من طرف ولاية الأمن بالناظور، حيث جرى تأمين تنقلات الوفد وضمان سير الزيارة في ظروف عالية التنظيم والاحترافية، ما خلف ردود فعل إيجابية للغاية لدى أعضاء الوفد الإسباني، الذين عبّروا عن إعجابهم الكبير بالجاهزية الأمنية والمهنية التي أبداها رجال الأمن.
كما كانت سلطات عمالة إقليم الدريوش حاضرة بقوة، وخصوصًا قائد جماعة تليليت السيد عبد الرزاق لوكيلي، الذي واكب جميع مراحل الزيارة ميدانيًا، ما ساهم في إنجاح الحدث وترك انطباعًا طيبًا لدى الوفد.
وقد شاركت في الزيارة الجمعية الأندلسية “الألم” بإسبانيا كضيف شرف، ما أضفى بُعدًا ثقافيًا أورو-متوسطيًا زاد من قيمة التبادل الحضاري والثقافي خلال الزيارة.
نُظمت هذه الزيارة من طرف جمعية موشي بن ميمون للتراث اليهودي وثقافة السلام، بشراكة مع مؤسسة مغاربة العالم، وبدعم من جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان، وبمساهمة جمعية أساتذة الفلسفة بمليلية.
وقد أعرب أعضاء الوفد عن ارتياحهم العميق لحفاوة الاستقبال وحسن التنظيم، معبرين عن رغبتهم في توسيع مجالات التعاون الأكاديمي والثقافي والاجتماعي بين المؤسّسات المغربية والإسبانية، في أفق بناء علاقات أكثر عمقًا واستقرارًا في ظل التحديات المشتركة المتعلقة بالهجرة، الأمن، والتنمية.

